أنواع وقود الطائرات واستخداماته

نوع وقود الطائرات

يعد الوقود أحد العناصر الأساسية التي تساهم في تشغيل الطائرات وتحقيق القدرة على الطيران لمسافات طويلة وسرعات عالية. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل أنواع الوقود المستخدمة في الطائرات، وكيفية اختيار النوع الأنسب وفقًا لاحتياجات الطائرة، بالإضافة إلى بعض المعلومات التقنية والبيئية المتعلقة بهذا الموضوع.

1. أنواع وقود الطائرات:

النوع الأكثر استخدامًا في الطائرات التجارية والحربية هو الوقود النفاث، والذي يُستخدم في المحركات النفاثة. يتسم هذا الوقود بخصائص معينة تجعله الأنسب للمحركات التي تتطلب حرارة وضغطًا عاليين. يختلف هذا النوع من الوقود عن الوقود المستخدم في السيارات أو المعدات الأخرى، ويعتمد على تكوينه الكيميائي الذي يضمن كفاءته في المحركات النفاثة.

أ. الوقود النفاث (Jet Fuel):

الوقود النفاث هو النوع الأكثر شيوعًا في صناعة الطيران، ويُستخدم في محركات الطائرات التي تعمل بنظام الدفع النفاث. يتم تصنيف الوقود النفاث إلى نوعين رئيسيين: الوقود النفاث من النوع “ج” (Jet A) و الوقود النفاث من النوع “ب” (Jet B).

• الوقود النفاث “ج” (Jet A):
  
  هو الأكثر استخدامًا في الطائرات التجارية، ويُعدّ الأكثر شيوعًا في مطارات معظم أنحاء العالم. يحتوي هذا النوع من الوقود على مزيج من الهيدروكربونات، ويتم إنتاجه بشكل رئيسي من النفط الخام. يتميز بنقطة تجمد منخفضة نسبيًا، مما يسمح للطائرات بالطيران في بيئات منخفضة الحرارة.

  • الخصائص:

    • نقطة تجمد: -40 درجة مئوية.

    • كثافة: تتراوح بين 0.76 إلى 0.84 جرام لكل سنتيمتر مكعب.

    • يستخدم بشكل رئيسي في الطائرات التجارية ذات المحركات التوربينية.

• الوقود النفاث “ب” (Jet B):
  
  يُستخدم هذا النوع من الوقود بشكل أساسي في الطائرات التي تعمل في بيئات ذات درجات حرارة منخفضة جدًا، مثل المناطق القطبية أو على المرتفعات. يحتوي Jet B على نسبة أعلى من الكيروسين والإيثانول مقارنة بالـ Jet A.

  • الخصائص:

    • نقطة تجمد: -60 درجة مئوية.

    • كثافة: أقل من تلك الموجودة في الـ Jet A.

    • يُستخدم في الطائرات ذات المحركات النفاثة التي تطير في بيئات باردة جدًا.

ب. الوقود التوربيني (Turbine Fuel):

هذا الوقود يُستخدم بشكل أساسي في المحركات التوربينية، سواء للطائرات التجارية أو العسكرية. يتم استخراج الوقود التوربيني من تقطير النفط الخام ويتميز بكفاءته في توليد الطاقة عند درجات حرارة وضغوط عالية. يتمتع هذا النوع من الوقود بخصائص متعددة تجعله مناسبًا للطائرات التي تحتاج إلى أداء عالٍ مع ضمان الاستدامة في عمليات الطيران.

ج. الوقود الحيوي للطائرات (Biofuels):

في الآونة الأخيرة، أصبح الوقود الحيوي للطائرات جزءًا من الجهود الرامية إلى تقليل التأثير البيئي للطيران. يتم إنتاج الوقود الحيوي من مصادر بيولوجية مثل الزيوت النباتية أو الطحالب أو حتى مخلفات الأغذية. تهدف هذه الأنواع من الوقود إلى تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن استخدام الوقود التقليدي وتعزيز الاستدامة البيئية.

• الخصائص:

  • يتم إنتاجه من مصادر قابلة للتجديد.

  • يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مقارنة بالوقود التقليدي.

  • في بعض الحالات، يمكن أن يُستخدم كإضافة إلى الوقود التقليدي أو كبديل كامل.

2. تركيب الوقود النفاث:

يتكون الوقود النفاث من مزيج من الهيدروكربونات، وهي مركبات تحتوي على الهيدروجين والكربون فقط. يختلف هذا المزيج حسب نوع الوقود ونسبة المكونات المختلفة. في الوقود النفاث التقليدي مثل Jet A، يتضمن المزيج مزيجًا من الهيدروكربونات التي تنتمي إلى السلسلة البترولية. وبشكل عام، تشمل المكونات الرئيسية ما يلي:

• النفتا: هي مكون رئيسي في الوقود النفاث، حيث تلعب دورًا في تحديد الكثافة والنقطة التجمد.

• الكيروسين: يُستخدم بشكل رئيسي في إنتاج الوقود النفاث، ويُعدّ مسؤولًا عن معظم خصائص الأداء الجوي للوقود.

• الإضافات: يتم إضافة مواد كيميائية أخرى لتقوية خصائص الوقود وتحسين أدائه، مثل مواد تمنع التآكل أو تحسن الاستقرار في درجات الحرارة المرتفعة.

3. مزايا الوقود النفاث:

يتميز الوقود النفاث بعدد من المزايا التي تجعله الخيار الأمثل للطائرات:

• الكفاءة العالية: يسمح الوقود النفاث للمحركات بزيادة كفاءتها في تحويل الطاقة الناتجة عن الاحتراق إلى حركة ميكانيكية.

• الأداء الممتاز في درجات الحرارة المنخفضة: يُحسن الوقود النفاث من قدرة الطائرات على العمل في بيئات باردة جدًا، مما يجعله مناسبًا للطيران على ارتفاعات عالية.

• الاستقرار على المدى الطويل: يوفر الوقود النفاث استقرارًا جيدًا على المدى الطويل، ما يعني أنه لا يتأثر بسهولة بالعوامل الجوية أو التغيرات في درجات الحرارة.

4. الاحتياطات البيئية والصحية:

على الرغم من مزايا الوقود النفاث، إلا أن استخدامه يتسبب في العديد من المشاكل البيئية، خاصةً من حيث انبعاثات الغازات الملوثة. يعد التلوث الناتج عن طائرات الركاب أحد العوامل التي تساهم في الاحتباس الحراري وتغير المناخ. لذلك، بدأت الشركات الكبرى في صناعة الطيران في تطوير حلول بديلة مثل الوقود الحيوي الذي يُنتج من مواد قابلة للتجديد مثل النباتات والطحالب.

من جهة أخرى، يشكل الوقود النفاث تهديدًا صحيًا أيضًا، حيث قد يتسبب في التسمم إذا تم استنشاقه لفترات طويلة في الأماكن المغلقة أو في بيئات لا يوجد فيها تهوية جيدة.

5. ابتكارات جديدة في وقود الطائرات:

مع تزايد الاهتمام بالقضايا البيئية والتقنية، بدأت شركات الطيران وبعض الشركات المتخصصة في الوقود بتطوير أنواع جديدة من الوقود تعمل على تقليل الآثار البيئية. من بين هذه الابتكارات:

• الوقود المدمج (Hybrid Fuel): يتم تطوير وقود مدمج يجمع بين الوقود التقليدي والوقود الحيوي. يهدف هذا النوع إلى تقليل استهلاك الوقود التقليدي والتقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة.

• الوقود الكهربائي: يستمر البحث في تطوير تقنيات الطيران الكهربائي كبديل مستقبلي للوقود التقليدي. الطائرات الكهربائية هي الأكثر شيوعًا في الطائرات الصغيرة والطائرات بدون طيار، ويُتوقع أن تحدث ثورة في صناعة الطيران التجاري في السنوات القادمة.

6. التطورات المستقبلية في مجال وقود الطائرات:

من المتوقع أن يشهد المستقبل مزيدًا من التطور في تقنيات الوقود للطائرات، خاصةً في سياق التحولات نحو الاقتصاد الأخضر. تتجه الأنظار حاليًا إلى تحسين كفاءة محركات الطائرات واستخدام الوقود المشتق من مصادر غير تقليدية مثل الطاقة الشمسية والرياح، وهو ما قد يساهم في تقليل الانبعاثات الضارة الناتجة عن الطيران.